رجل في ذاكرة التاريخ
حري بنــا أن نقف موقف الدارس المعتبر لأحداث التـاريـخ على حد تعبيـر العلامـة الشيخ "جمال الدين الأفغاني" الذي يقول "أنه لاعزة لقوم لا تاريـخ لهم و لا تاريـخ إذا لم تقم منهم أساطين تحمي وتحي آثار رجال تاريخها تعمل عملهم وتنسـج على منوالهـم ".
الرجـال الذين أحدثوا هزة ورجـة وثورة في المفاهيــم والأحداث وضربــوا أروع الأمثلـة في البطولـة والفـداء وفـي هذا المقــام إرتأينـا أن نسلــط الأضــواء الكاشفـة حول احد رجال ثورتنـا المظفرة ألا وهو الفدائي حسن رمضان بن محمد المدعو" سي جمـال" إنه الرجل الذي تخرج من مدرستـه الزعيم الإفريقي نلسن مانديـلا هذا الأخيـر الذي حفظ الدرس جيدا ولم تنسـه غيـاهب سجون الأبـارتـايـد رفــاق الدرب الثـوري .
ولد جمال رمضان في : 29 جانفي 1934 بسان شارل سابقا والتي تحمل إسمه حاليـا بولايـة سكيكـدة وأدخله والـده الكتّـاب لحفظ القرآن الكريـم حتى شب على الطوق بعدهـا ألحقه بالمدرسـة النظامية ليشق طريقه نحو مستقبل معتم في زمن تئـن فيـه الجزائـر تحت وطـأة الجور والإستعمـار.
وبعد أن أنهـى دراستـه وقع اختيـاره للإلتحــاق بمدرسـة الطيران الفرنسـي بالبليـدة فأرسلتـه القيـادة الفرنسيـة في بعثـة إلـى فـاس ومراكش بالمغرب لتلقـي التدريبــات الكافيــة والتي توجت بتحصلــه علـى رتبــة مـلازم أول فـي الطيــران الفرنسـي سنة 1956 وهنـا مربط الفرس كمـا يقــال حيث أن هذا التاريــخ يحدث المفاجأة التي تقع فاجعة وصاعقة على قيادة الإحتلال حيث تأججت في صدر سي جمـال مشاعـر العـزة والكرامة فلبـى نداء الثورة والجهـاد ليلتحق بصفوف جيش التحريــر الوطنــي في نفس السنـة ليشد عضد رفقـــاء الســـلاح وكانت صفعــة عميقــة الأثـــر فـي وجــه المستعمـر الغاشـم حيث أن هذا الخبـر المذهـــل أربــك سلطـات الاحتلال فأثار ثائرتها وكعــادة فرنســا تقيم الدنيــا ولا تقعدهـا ويـوصف الرجــل بالخطيــر الذي يزعـــج السلطــات الفرنسيـة ويفتح ملف مأســاة فضيعة وتحقيقــات مطولـة وٍِإستنطاقــات مروعــة لكــل من لـه صلــة قريبــة أو بعيــدة بسـي جمـال حيث تعرضت عائلتـه لانتهاكـات كثيرة فثبتت أمام الابتـلاء العصيـب وعذبت المجاهديـن الأسرى للولاية الخامسـة للبحث عن مسقط راس سـي جمـال الاسـم الثوري الذي لم تكـن تـعرف فرنســا انه حسن رمضــان .
رغـم كل هذا لم يثن الرجـل عن عزمـه لقوة شكيمته وصلابة إيمانه وتدفق وطنيتـه وفـي هذا الصـدد نسجـل أن سـي جمــال كـان محبوبــا من قبل رفقائــــه
ومن الذين عرفوه ورافقوه كالرئيس الراحل هواري بومدين الذي كانت له علاقة وطيدة به والرئيس عبد العزيز بوتفليقة والرئيس السـابق اليمين زروال والوزير السـابـق آيت مسعودان الذي التحـق مع الشهيـد ســي جمــال في نفس التــاريخ بصفــوف الـثورة من نفس مدرســة الطيــران بفـــاس واللــواء محمد العمـــاري والمرحــوم العقيـد بوالصـوف والعقيـد أحمد بن شريـف والسيـد رشيــد بن يلـس والسيد علاهـم محمد واللواء أحمد صنهـاجي والمرحوم قايد أحمد والوزير محمد زرهونــي والمرحـوم قاصــدي مربـاح والسيـد رشيـد أكتـوف والرائــد عز الديـن والعقيد شابـو والعقيد رجاح والوزير السابق بلعيد عبد السـلام والقائمـة طويلــة. وقدرت القيــادة الثوريـة الجزائريـة في هذا المنعطف الصعب الذي كانت فيـه لغة الرشـاش هي الفيصل الخدمـات الجليلـة التي أسداهـا سي جمـال لوطننـا المفـدى فأسندت له مهمـة ثقيلـة بتوليه منصب قائـد التدريبـات بالولاية الخامسة للغرب الجزائـري (O.I.G.D) قاعـدة وجدة المكـان الزغنغن والعريشة وكبداني بالحـدود الجزائريـة المغربيـة كمـا قدم الكثيـر من الأعمــال للثورة المجيـدة فـــي التدريـب والقتــال.
وبعد بزوغ فجـر الإستقــلال تقلد الشهيد سـي جمـال مهمة أول مديـر عـام للتدريب للجيش الشعبـي الوطنـي في نوفمبر سنة 1962 من طرف وزيـر الدفـاع الوطنـي هواري بومديـن .
وبتـاريخ 22 ديسمبر 1962 أفاضت روحـه إلـى بارئهــا . وبمـا أننـا على عتبة إحيـاء ذكرى وفاتـه العطرة لا يسعنـا إلا أن نحيّ بهذه المناسبـة كل الأحرار في العالم وعلى وجه التحديد الزعيم الإفريقي نلسن مانديلا الذي عند مجيئه إلى الجزائــر سنة 1990 سـأل عن سـي جمــال وتـأسف لوفاتـه وصرح فـي جريــدة أنه لن ينســى ذكرياتـه مع الشهيـد ســي جمــال فـي سنة 1960L’horizon
فـي مركـز التدريبــات .
وترجــــو عائلــة الشهيـد ســي جمـــال من رفقــــاء الـدرب ومن وزارة المجـاهديــن أن يتذكــروا ســي جمــال وأن تـؤرخ مسيرتــه للأجيــال القادمــة .
شقيـق الشهيـد البطـل – رمضــان محـمود.